Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
23 mars 2012 5 23 /03 /mars /2012 23:02

رشيد مشارك
شهد شهر مارس الجاري أحداثا غريبة تماما عن المشهد التونسي هي جرائم بدأت بإنزال العلم وتعويضه براية عقائدية ثم تشويه لجدران بعض المساجد ثم تمزيق المصحف الشريف وتدنيسه وهذه أعمال أثارت كل مشاعر الغضب والاستنكار لدى التونسيين بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم لما تحمله من اعتداء مشين يستهدف مقدسات الشعب ورمز الوطن
و رغم بشاعة هذه الأعمال فإن ما يجب التركيز عليه من طرف كل القوى الوطنية التي تحمل شيئا من المسؤولية تجاه هذا البلد هو قبل كل شيء الابتعاد عن تهويل هذه الأحداث لأنها مهولة بطبيعتها و محاصرة ما يمكن أن ينتج عن مثل هذه الأفعال الاستفزازية من تأثيرات سلبية تمس مباشرة أسس الوحدة الوطنية والأمن المدني
على السلطة الأمنية والقضائية واجب القيام بالأبحاث الضرورية لمعرفة ملابسات ودوافع هذه الأعمال وهل هي معزولة وفردية أم هي مشبوهة و هناك جهات تقف وراءها وتقديم كل التوضيحات إلى الرأي العام الذي يشعر بالإهانة جراء هذه الأفعال و بدأ يفقد الثقة في قدرة الدولة على حماية مقومات الكيان الوطني ومقدسات الشعب 
ولكن ذلك غير كاف فالواجب يدعونا جميعا إلى التأمل في من يستفيد من هذه الجرائم و الوقوف على أسباب هذه التصرفات والتعرف على مدى وجاهة الأطروحة التي تقول بأن هناك مخطط جهنمي يهدف التأثير على موازين القوى السياسية و يعتمد توظيف هكذا أعمال لإيهام الرأي العام الشعبي أن الإسلام في خطر 
إن ما يبعث على الانشغال حقا هو عدم التحكم فيما أوصل المشهد الوطني إلى وقوع هذه الجرائم ومثلها من مظاهر استعمال العنف و الاعتداء على الحريات العامة والفردية والانفلات في السلوك الفردي والجماعي المدفوع بمشاعر التعصب والتطرف العقائدي وتجييش المشاعر الدينية تحت صيحات التكبير ونداءات التكفير يصل حد إشهار العداء للآخر وإعلان الرغبة في التشفي منه 
وأنت تتابع مجريات الأوضاع السياسية في بعض وجوهها لا تخال نفسك في تونس ما بعد الثورة ملتزمة بإنجاح المرحلة الثانية من مسار الانتقال الديمقراطي بل تشعر أنك في مقاطعة لا تعرف معنى للدولة وليس لمتساكنيها ثقافة الحس المدني و كأنها تتأهب للدخول في صراعات إيديولوجية حيث يتحول الاختلاف في الرأي إلى صراع عنيف يعتمد القطع والإقصاء والحسم و مفعم بالمشاحنات التي تجتهد في اقناعك بأنها لا تترك امكانية للتعايش 
كل هذه اللأحداث و السلوكات التي لا علاقة لها باستحقاقات الثورة تمثل خطرا حقيقيا على مسار الانتقال الديمقراطي و تستنزف جهدا واهتماما وطنيا على حساب ما يتطلبه الوضع من ضرورة التهدئة و توفير الشروط الضرورية لمعالجة القضايا الحقيقية التي تواجهها البلاد في كنف المسؤولية والامتثال لواجب حماية الثورة ومصلحة الوطن 
عند زيارته إلى ألمانيا صرح السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة أن" الخطر الأكبر على تونس هو الصراع بين الرجعية والحداثة " وفي هذا القول كل الوجاهة إذا خرج هذا الصراع من اطاره السياسي و أخذ شكل التدافع بين الاسلام والعلمانية وهو تدافع مغلوط يدفع له كل الذين يرومون الانقلاب على نمط المجتمع التونسي ويبشرون بمشروع مجتمعي مناقض في نفس الوقت للإسلام وللعلمانية وغريب تماما عن المستوى الحضاري والثقافي لبلادنا 
ان الصراع بين الرجعية والحداثة طالما هو في إطاره السياسي والفكري فهو في هذه المرحلة وجه من وجوه الصراع بين الثورة و الثورة المضادة وأن كلا من الاسلاميين والعلمانيين موجودان كلاهما هنا وهناك وان ما يمثل خطرا على البلاد هو الدفع إلى الصراع المغلوط بين الاسلام والعلمانية وجانب الخطر فيه هو التظليل والتمويه إما لفرض مشاريع رجعية باسم الإسلام أو لتمرير الرجوع إلى مشاريع استبدادية باسم العلمانية وفي كلتا الحالتين هو انقلاب على الثورة
وخطر مباشر على الكيان الوطني
Partager cet article
Repost0

commentaires

Présentation

  • : Le courant révolutionnaire des devoirs et droits progressiste
  • : Le courant a priori (ou n'importe quel parti) n'est en définitive, qu'un outil ou appareil ou instrument d'expression et de réalisation des aspirations et des rêves portés par plusieurs secteurs des couches populaires. Ce n'est pas un but en soi et ce qui compte ce sont les résultats de son action. Si le courant veut véritablement s'inscrire dans la marche de la révolution, la première condition logique est une interprétation essentielle qui décortique les évènements et les circonstances...
  • Contact

Recherche

Liens